ادعمنا

حلف وارسو - Warsaw Pact

وهو حلف دولي نشأ في المعسكر الشرقي بموجب معاهدة وارسو للصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة، حيث عُرف اختصاراً بـمنظمة معاهدة وارسو أو حلف وارسو، وذلك في بتاريخ 14 مايو/أيار لعام 1955. وقد تألف الحلف بشكل أساسي من الاتحاد السوفياتي، وألبانيا، وبلغاريا، وتشيكوسلوفاكيا، وألمانيا الشرقية، والمجر، وبولندا، ورومانيا. وقد نصت معاهدة وارسو على وجود قيادة عسكرية موحدة للدفاع عن أي دولة عضو تتعرض للهجوم من طرف قوة خارجية، وقد تأسس هذا الجيش تحت قيادة المارشال السوفياتي إيفان كونيف - Ivan Konev. كما نصت على صيانة الوحدات العسكرية السوفيتية في أراضي الدول المشاركة الأخرى. وتم تجديد المعاهدة في 26 من نيسان لعام 1985. وقد كان هذا الحلف تحت قيادة الاتحاد السوفياتي بشكل أساسي، والذي كان يهدف إلى استغلال المواقع الاستراتيجية لدول أوروبا الشرقية لغايات عسكرية خاصة أثناء الحرب الباردة. فبعد الحرب العالمية الثانية أبرم الاتحاد السوفييتي معاهدات ثنائية مع كل من دول أوروبا الشرقية باستثناء ألمانيا الشرقية، التي كانت لا تزال جزءاً من أراضي ألمانيا السوفيتية المحتلة. وتنص المعاهدة التي تتكون من 11 بنداً على أنها مفتوحة لجميع الدول بغض النظر عن نظامها السياسي، ويتم التحاق أي عضو جديد بعد موافقة الدول الموقعة. وتم تحرير المعاهدة بأربع لغات، هي: الروسية، والبولندية، والتشيكية، والألمانية.

وحصلت جمهورية الصين الشعبية على حق حضور اجتماعات الحلف بصفة مراقب، ورغم اتباع جمهورية يوغسلافيا الاتحادية النظام الشيوعي إلا أنها لم تنضم إلى الحلف وذلك بسبب الخلاف القائم بين زعيمها جوزيف بروز تيتو - Josip Broz Tito مع الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين - Joseph Stalin في 1948، حيث فضل الوقوف على الحياد إزاء تكتلات القوى العالمية.

 

سبب قيام حلف وارسو

قام حلف وارسو كرد فعل لموازنة القوى العالمية بسبب قيام الاتحاد الأوروبي الغربي الذي يُعد تحالفاً أمنياً جماعياً تم إبرامه بين الولايات المتحدة، وكندا، ودول أوروبا الغربية في عام 1949.  ولقد كانت اتفاقية باريس بين القوى الغربية السبب المباشر لنشوء حلف وارسو والتي تم بموجبها قبول ألمانيا الغربية في منظمة حلف شمال الأطلسي. وقد كان حلف وارسو يطمح إلى إعادة امتلاك ألمانيا الغربية والتعامل مع حلف الناتو كند مكافئ. ومن ناحية أخرى فقد كان الحلف خطوة أساسية ضمن خطة ممنهجة تهدف إلى تعزيز سيطرة الاتحاد السوفياتي على أقمارها الصناعية ضمن ما كان يعتبر برنامجاً خاصاً للزعيمين السوفييتين نيكيتا خروتشوف - Nikita Khrushchev ونيكولاي بولجانين - Nikolai Bulganin عقب توليهما السلطة في عام 1955. لم يكن الهدف من الحلف عسكرياً بحتاً بل يمكن استخلاص هدف دبلوماسي لقيامه من شأنه تعزيز الموقف التفاوضي للاتحاد السوفياتي، وذلك بناءً على ما تنص عليه آخر مادة في المعاهدة، حيث تنص على حل حلف وارسو في حال قيام حلف أكبر يشمل الشرق والغرب معاً.

 

حلف وارسو وهيمنة الاتحاد السوفياتي:

 يظهر جلياً هيمنة الاتحاد السوفياتي على الحلف بدءاً من كونه نشأ لحماية مصالح الاتحاد العسكرية والسياسية، كما أنَّ كُلاً من القيادة المشتركة للقوات المسلحة التي تأسست بموجب المادة الخامسة، واللجنة الاستشارية السياسية التي نشأت وفقاً للمادة السادسة تقع مقراتها في موسكو. بالإضافة لذلك فقد كانت القيادة وهيئة الأركان المشتركة جزءاً من هيئة الأركان العامة السوفييتية، وقد كان القائد العام للميثاق ورئيس الأركان من الضباط السوفييت. ولم يكن هنالك تنظيمات عسكرية مستقلة للدول الحلفاء حيث لم يكن هنالك هيكل قيادة، أو لوجيستيات، أو مديرية عمليات، أو شبكة دفاع جوي منفصلة عن وزارة الدفاع السوفييتية لدى القوات المسلحة المشتركة.

العقد الأول للحلف: انعكس تطور الأهداف الاستراتيجية للاتحاد السوفيتي وكذلك التغيرات في التكنولوجيا العسكرية على الهيكلة العسكرية للحلف. وقد شهد العقد الأول من حياة الحلف جهوداً حثيثة للسيطرة السياسية على الأعضاء غير السوفييت، إلا أنَّ هذه الجهود لم تثمر كما أراد لها الاتحاد السوفييتي، فعقب وفاة ستالين ونشوء حركة ما يعرف بتفكيك الستالينية - De-Stalinization بدأت دول أوروبا الشرقية تستبدل الضباط السوفييت في المناصب الحساسة في جيوشها الوطنية بضباط آخرين من الدول نفسها كما ركَّزت على توفير تدريبات مهنية لأفرادها. وقد أثارت الثورة البولندية والمجرية عام 1956 قلق موسكو من إمكانية الوثوق بالقوات غير السوفييتية في الحلف. نتيجة لذلك ظهرت العديد من المنعطفات الحادة في تاريخ حلف وارسو فقد تداخل هدف حماية القوات السوفياتية في أراضي الأقمار الصناعية مع قومية بعض الدول المكونة للحلف.

وبعد أزمة الاندماج ورحيل ستالين بدأ حلف وارسو يستجمع قواه من جديد، فعمد إلى تكثيف التدريبات العسكرية المشتركة، وتطوير المعدات السوفييتية العسكرية. كما تم استحداث لجنة وزراء الدفاع، والمجلس العسكري، والمجلس التقني العلمي العسكري، واللجان الفنيَّة. وجاءت هذه التغييرات في إطار تفعيل مشاركة الأوروبيين الشرقيين في عملية صنع القرار في الحلف، كما ساعدت التعديلات السوفييت على تنسيق أبحاث الأسلحة وتطويرها وإنتاجها مع الأوروبيين الشرقيين على نحو أفضل.

 

حلف وارسو والثورات الشعبية:

تم استخدام الحلف وسيلة لحفظ تماسك الاتحاد السوفياتي، كما تم استخدامه ذريعةً لكبح جماح الثورات الشعبية في المجر عام 1956، وتشيكوسلوفاكيا عام 1968، فقد قام الاتحاد السوفياتي باستدعاء قوات الحلف إلى داخل تشيكوسلوفاكيا في آب من عام 1968 وذلك لردع النظام التشيكوسلوفاكي عن اتخاذ خطوات بعيدة عن إطار الحلف، حيث سعت تشيكوسلوفاكيا إلى تعميق علاقتها مع الغرب، كما سعت إلى رفع القيود عن حرية التعبير. ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ رومانيا وألبانيا كانتا الدولتين الوحيدتين اللتين لم تشاركا في عملية قمع تشيكوسلوفاكيا، كما قامت دولة ألبانيا بالانفصال عن الحلف في العام ذاته، تحديداً في سبتمبر/أيلول 1968، بعد أن قاطعت اجتماعات الحلف منذ عام 1962، وقد كان العامل الجغرافي في صالح ألبانيا حيث لم تمتلك أي حدود مشتركة مع أي من أعضاء الحلف. وقد كان الحلف أداة سياسية فاعلة في يد السوفييت في دول العالم الثالث، حيث استخدم الاتحاد قوات عسكرية من دولٍ أخرى ضمن التحالف للتعاون مع دول صديقة في أفريقيا والشرق الأوسط خلال فترة السبعينيات والثمانينيات. كما تدخل الحلف في الثورة الشعبية في بولندا عام 1981م.

 

نهاية الحلف:

بحلول البيريسترويكا - Perestroika (إعادة الهيكلة) في عهد ميخائيل جورباتشوف - Mikhail Gorbachev دخل حلف وارسو مرحلة جديدة من الضعف والتفكك، حيث عمد جورباتشوف عبر هذه السياسة إلى إعادة رسم العلاقات السياسية والاقتصادية بين السوفييت وأوروبا الشرقية، كما تم تجديد المعاهدة عام 1985م. وفي عام 1987م تم تعديل المعاهدة للتأكيد على طبيعة الحلف الدفاعية إلا أنَّ ذلك لم يقف حائلاً أمام تدهور اقتصاد الدول الأعضاء وتصاعد النزعة الوطنية في دول أوروبا الشرقية.

وبعد ربيع الثورات الديموقراطية الذي اجتاح أوروبا الشرقية وانهيار جدار برلين عام 1989 أصبح حلف وارسو في طريقه للفناء، وكان انفصال ألمانيا الشرقية عن الحلف في العام التالي أي 1990، وتوحيد ألمانيا هو القشة التي قسمت ظهر البعير، والتي مثلت خرقاً أمنياً مرعباً للاتحاد السوفييتي، وعلى إثر ذلك ضغطت دول أوروبا الشرقية على السوفييت لحل الهياكل العسكرية الخاصة بالحلف، حيث انسحبت كل من تشيكوسلوفاكيا والمجر وبولندا في شهر أكتوبر من عام 1990 من جميع التدريبات العسكرية في حلف وارسو، ثم تلتهم بلغاريا. وتم حل الهياكل العسكرية رسمياً بموجب قرار صدر عن اجتماع اللجنة الاستشارية السياسية في بودابست في شباط / فبراير 1991.

وقد تم اعتبار الحلف غير موجودٍ بشكل كامل في الأول من يوليو عام 1991، حيث تم إعلان ذلك في آخر اجتماع لقادة الحلف في براغ، تشيكوسلوفاكيا، وذلك قبل انحلال الاتحاد السوفياتي نفسه. وقد تم على إثر ذلك سحب القوات السوفياتية المنتشرة في مناطق الأقمار الصناعية وبذلك استقلت الدول المكونة للحلف عن بعضها والتي رفضت استمرار العداء التاريخي بين دول أوروبا الشرقية والغربية بشكلٍ رسمي مما أدى لاحقاً إلى دخول دول الحلف السابق – باستثناء روسيا - إلى حلف الناتو - NATO حيث انضمت كل من تشيكيا، والمجر، وبولندا إلى حلف الناتو خلال عام 1999، وتلا ذلك انضمام بلغاريا ورومانيا، وسلوفاكيا في 2004، كما انضمت استونيا، وليتونيا، وليتوانيا إلى حلف الناتو وهي جمهوريات سوفياتية سابقة.

المصادر والمراجع:

The Department of State, USA, Office of the historian, “The Warsaw Treaty Organization, 1955.”

Andrew A. Michta, WARSAW TREATY ORGANIZATION.

Encyclopedia Britannica, “Warsaw Pact, Europe [1955–1991].

موسوعة الجزيرة دوت نت، منظمات وهياكل، حلف وارسو

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia